روى الطبرى قال
قال كرب بن أبي كرب العكلي وكان في المقدمات أيام القادسية قدمنا سعد من شراف فنزلنا بعذيب الهجانات ثم ارتحل فلما نزل علينا بعذيب الهجانات وذلك في وجه الصبح خرج زهرة بن الحوية في المقدمات فلما رفع لنا العذيب وكان من مسالحهم استبنا على بروجه ناسا فما نشاء أن نرى على برج من بروجه رجلا أو بين شرفتين إلا رأيناه وكنا في سرعان الخيل فأمسكنا حتى تلاحق بنا كثف ونحن نرى أن فيها خيلا ثم أقدمنا على العذيب فلما دنونا منه خرج رجل يركض نحو القادسية فانتهينا إليه فدخلناه فإذا ليس فيه أحد وإذا ذلك الرجل هو الذي كان يتراءى لنا على البروج وهو بين الشرف مكيدة ثم انطلق بخبرنا فطلبناه فأعجزنا وسمع بذلك زهرة فاتبعنا فلحق بنا وخلفنا واتبعه وقال إن أفلت الربيء أتاهم الخبر فلحقه بالخندق فطعنه فجدله فيه وكان أهل القادسية يتعجبون من شجاعة ذلك الرجل ومن علمه بالحرب لم ير عين قوم قط أثبت ولا أربط جأشا من ذلك الفارسي لولا بعد غايته لم يلحق به ولم يصبه زهرة ووجد المسلمون في العذيب رماحا ونشابا وأسفاطا من جلود وغيرها انتفع بها المسلمون ثم بث الغارات وسرحهم في جوف الليل وأمرهم بالغارة على الحيرة وأمر عليهم بكير بن عبدالله الليثي وكان فيها الشماخ الشاعر القيسي في ثلاثين معروفين بالنجدة والبأس فسروا حتى جازوا السيلحين وقطعوا جسرها يريدون الحيرة فسمعوا جلبة وأزفلة فأحجموا عن الإقدام وأقاموا كمينا حتى يتبينوا فما زالوا كذلك حتى جازوا بهم فإذا خيول تقدم تلك الغوغاء فتركوها فنفذت الطريق إلى الصنين وإذا هم لم يشعروا بهم وإنما ينتظرون ذلك العين لا يريدونهم ولا يأبهون لهم إنما همتهم الصنين وإذا أخت أزاذمرد بن آزاذبه مرزبان الحيرة تزف إلى صاحب الصنين وكان من أشراف العجم فسار معها من يبلغها مخافة ما هو دون الذي لقوا فلما انقطعت الخيل عن الزواف والمسلمون كمين في النخل وجازت بهم الأثقال حمل بكير على شيرزاذ بن أزاذبه وهو بينها وبين الخيل فقصم صلبه وطارت الخيل على وجوهها وأخذوا الأثقال وابنة آزاذبه في ثلاثين امرأة من الدهاقين ومائة من التوابع ومعهم مالا يدرى قيمته ثم عاج واستاق ذلك فصبح سعدا بعذيب الهجانات بما أفاء الله على المسلمين فكبروا تكبيرة شديدة فقال سعد أقسم بالله لقد كبرتم تكبيرة قوم عرفت فيهم العز فقسم ذلك سعد على المسلمين فالخمس نفله وأعطى المجاهدين بقيته فوقع منهم موقعا ووضع سعد بالعذيب خيلا تحوط الحريم وانضم إليها حاطة كل حريم وأمر عليهم غالب بن عبدالله الليثي ونزل سعد القادسية فنزل بقديس ونزل زهرة بحيال قنطرة العتيق في موضع القادسية اليوم وبعث بخبر سرية بكير وبنزوله قديسا فأقام بها شهرا ثم كتب إلى عمر لم يوجه ا لقوم إلينا أحدا ولم يسندوا حربا إلى أحد علمناه ومتى ما يبلغنا ذلك نكتب به واستنصر الله فإنا بمنحاة دنيا عريضة دونها بأس شديد قد تقدم إلينا في الدعاء إليهم
المصدر: تاريخ الطبرى
No comments:
Post a Comment