Monday, October 1, 2012

قال رجل من أهل الحيرة للمثنى ألا ندلك على قرية يأتيها تجار مدائن كسرى والسواد وتجتمع بها في كل سنة مرة ومعهم فيها الأموال كبيت المال



روى الطبرى قال

قال رجل من أهل الحيرة للمثنى ألا ندلك على قرية يأتيها تجار مدائن كسرى والسواد وتجتمع بها في كل سنة مرة ومعهم فيها الأموال كبيت المال وهذه أيام سوقهم فإن أنت قدرت أن تغير عليهم وهم لا يشعرون أصبت فيها مالا يكون غناء للمسلمين وقووا به على عدوهم دهرهم قال وكم بين مدائن كسرى وبينها قال بعض يوم أو عامة يوم قال فكيف لي بها قالوا نأمرك إن أردتها أن تأخذ طريق البر حتى تنتهي إلى الخنافس فإن أهل الأنبار سيضربون إليها ويخبرون عنك فيأمنون ثم تعرج على أهل الأنبار فتأخذ الدهاقين بالأدلاء فتسير سواد ليلتك من الأنبار حتى تأتيهم صبحا فتصبحهم غارة 

فخرج من أليس حتى أتى الخنافس ثم عرج حتى رجع على الأنبار فلما أحسه صاحبها تحصن وهو لا يدري من هو وذلك ليلا فلما عرفه نزل إليه فأطعمه المثنى وخوفه واستكتمه وقال إني أريد أن أغير فابعث معي الأدلاء إلى بغداد حتى أغير منها إلى المدائن قال أنا أجيء معك قال لا أريد أن تجيء معي ولكن ابعث معي من هو أدل منك فزودهم الأطعمة والأعلاف وبعث معهم الأدلة

فساروا حتى إذا كانوا بالنصف قال لهم المثنى كم بيني وبين هذه القرية قالوا أربعة أو خمسة فراسخ فقال لأصحابه من ينتدب للحرس فانتدب له قوم فقال لهم أذكوا حرسكم ونزل وقال أيها الناس أقيموا واطعموا وتوضؤوا وتهيؤوا وبعث الطلائع فحبسوا الناس ليسبقوا الأخبار فلما فرغوا أسرى إليهم آخر الليل فعبر إليهم فصبحهم في أسواقهم فوضع فيهم السيف فقتل وأخذوا ما شاءوا وقال المثنى لا تأخذوا إلا الذهب والفضة ولا تأذخوا من المتاع إلا ما يقدر الرجل منكم على حمله على دابته 

وهرب أهل الأسواق وملأ المسلمون أيديهم من الصفراء والبيضاء والحر من كل شيء ثم خرج كارا حتى نزل بنهر السيلحين بالأنبار فنزل وخطب الناس وقال أيها الناس انزلوا وقضوا أوطاركم وتأهبوا للسير واحمدوا الله وسلوه العافية ثم انكشفوا قبيضا ففعلوا فسمع همسا فيما بينهم ما أسرع القوم في طلبنا فقال تناجوا بالبر والتقوى ولا تتناجوا بالإثم والعدوان انظروا في الأمور وقدروها ثم تكلموا إنه لم يبلغ النذير مدينتهم بعد ولو بلغهم لحال الرعب بينهم وبين طلبكم إن للغارات روعات تنتشر عليها يوما إلى الليل ولو طلبكم المحامون من رأي العين ما أدركوكم وأنتم على العراب حتى تنتهوا إلى عسكركم وجماعتكم ولو أدركوكم لقاتلتهم لاثنتين التماس الأجر ورجاء النصر فثقوا وأحسنوا به الظن فقد نصركم الله في مواطن كثيرة وهم أعد منكم 

وسأخبركم عني وعن انكماشي والذي أريد بذلك إن خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم أبا بكر أوصانا أن نقلل العرجة ونسرع الكرة في الغارات ونسرع في غير ذلك الأوبة وأقبل بهم ومعهم أدلاؤهم يقطعون بهم الصحارى والأنهار حتى انتهى بهم إلى الأنبار فاستقبلهم دهاقين الأنبار بالكرامة واستبشروا بسلامته وكان موعده الإحسان إليهم إذا استقام لهم من أمرهم ما يحبون 

المصدر: تاريخ الطبرى

No comments:

Post a Comment